فصل: قال القاسمي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وذكر أنه وقع لبعض الوعاظ ببغداد كان يعظ بعد العصر ثم أخذ في ذكر فضائل آل البيت فجاءت سحابة غطت الشمس فظن وظن الناس الحاضرون عنده أن الشمس غابت فأرادوا الانصراف فأشار إليهم أن لا يتحركوا ثم أدار وجهه إلى ناحية المغرب وقال:
لا تغربي يا شمس حتى ينتهي ** مدحي لآل المصطفى ولنجله

إن كان للمولى وقوفك فليكن ** هذا الوقوف لولده ولنسله

فطلعت الشمس فلا يحصى ما رمى عليه من الحلى والثياب وهو من الاتفاقات الغريبة كما حكي أن بعض الناس كان يهوى شابًا يلقب ببدر الدين فاتفق أنه توفي ليلة البدر فلما أقبل الليل وتكمل البدر لم يتمالك محبة رؤيته من شدة الحزن وأنشد يخاطب البدر:
شقيقك غيب في لحده ** وتطلع يابدر من بعده

فهلا خسفت وكان الخسوف ** لباس الحداد على فقده

فخسف القمر من ساعته فانظر إلى صدق المحبة وتأثيرها في القمر وصدق من قال أن المحبة مغناطيس القلوب، اللهم اجعلنا من أهل المحبة والوداد آمين وحين زالت الشمس من اليوم الذي يلي ليلة المعراج نزل جبريل وأم بالنبي عليه السلام ليعلمه أوقات الصلوات وهيئتها وأعداد ركعاتها ثم صيح بأصحابه «الصلاة جامعة» لأن الإقامة المعروفة للصلاة لم تشرع إلا بالمدينة فاجتمعوا فصلى النبي عليه السلام بالناس فسميت تلك الصلاة صلاة الظهر لأنها فعلت عند قيام الظهيرة أي شدة الحر أو عند نهاية ارتفاع الشمس فصلاته عليه السلام بالناس كانت بعد صلاته مع جبريل وأمه جبريل يومين يومًا في أول الوقت ويومًا في آخره وكان ذلك عند باب الكعبة مستقبلًا لصخرة الله ثم التفت جبريل وقال: يا محمد هذا وقتك ووقت الأنبياء من قبلك والوقت ما بين هذين الوقتين وإنما لم تقع البداءة بالصبح مع أنها أول صلاة بعد ليلة الإسراء لأن الإتيان بها يتوقف على بيان الإتيان بالكيفية أي على بيان علم كيفيتها المعلق عليه الوجوب كأنه قيل: أوجبت حيث ما تبين كيفيته في وقته والصبح لم تبين كيفيتها في وقتها فلم تجب.
فإن قيل قول جبريل هذا وقتك ووقت الأنبياء من قبلك يقتضي أن هذه الصلوات كانت مشروعة لكل واحد من الأنبياء قبله وليس كذلك لأنها من خصائص هذه الأمة.
قلنا معناه أن وقتك هذا المحدود الطرفين مثل وقت الأنبياء قبلك فإنه كان محدود الطرفين أو أن بعضهم صلى الفجر وبعضهم ما يليها وهو لا ينافي كون المجموع على هذه الكيفية من خصائص هذه الأمة.
روي أن أول من صلى الفجر آدم عليه السلام حين أهبط إلى الأرض من الجنة وأظلمت عليه الدنيا وجنّ الليل ولم يكن يرى قبل ذلك فخاف خوفًا شديدًا فلما انشق الفجر صلى ركعتين شكرًاتعالى لحصول النجاة من ظلمة الليل ولرجوع النهار أو لما تيب عليه كان ذلك عند الفجر فصلى ركعتين شكرًا لحصول التوبة وزوال المخالفة وطلوع النور التوفيق وغروب ظلمة المخالفة.
وأول من صلى بعد الزوال إبراهيم عليه السلام حين فدى ابنه عند الظهر صلى أربعًا شكرًا لذهاب غم الولد ولنزول الفداء ولرضى الله حين نودي قد صدقت الرؤيا ولصبر ولده على أذى الذبح ومشقته.
وأول من صلى العصر يونس عليه السلام حين أنجاه من ظلمات أربع: الزلزلة، والليل، والماء، وبطن الحوت.
وأول من صلى المغرب عيسى عليه السلام فالركعة الأولى لنفي الألوهية عن نفسه والثانية لنفيها عن والدته والثالثة لإثباتهاتعالى وقيل: غفر لداود عليه السلام عند الغروب فقام يصلي أربع ركعات فجهد أي تعب فجلس في الثالثة أي سلم فيها فصارت المغرب ثلاثًا.
وأول من صلى العشاء موسى عليه السلام حين خرج من مدين وضل الطريق وكان في غم المرأة وغم أخيه هارون وغم فرعون عدوه وغم أولاده فلما أنجاه الله من ذلك كله صلى أربعًا.
وأول من صلى الوتر نبينا عليه الصلاة والسلام.
قال في تفسير التيسير: أم رسول الله ملائكة السموات في الوتر فكان إمام الأنبياء في بيت المقدس وإمام الملائكة عند سدرة المنتهى فظهر ذلك فضله على أهل الأرض والسماء انتهى.
قال في التقدمة شرح المقدمة: قيل لما قام إلى الثالثة رأى والديه في النار ففزع وانحل يداه ثم كبر وقنت واستغاث بالله من النار وأهلها وأتمها على ثلاث ركعات فصارت وترًا.
قيل: فرضت الصلوات الخمس في المعراج ركعتين ركعتين حتى المغرب ثم زيد في صلاة الحضر فأكملها أربعًا في الظهر أي في غير يوم الجمعة وأربعًا في العصر وثلاثًا في المغرب وأربعًا في العشاء وأقرت صلاة الصبح على ركعتين فعن عائشة رضي الله عنها فرضت صلاة الحضر والسفر ركعتان أي في الصبح والظهر والعصر والمغرب والعشاء فلما أقام رسول الله أي بعد شهر وقيل: وعشرة أيام من الهجرة زيد في صلاة الحضر ركعتان ركعتان وتركت صلاة الفجر أي لم يزد عليها شيء لطول القراءة فيها وتركت صلاة المغرب فلم يزد عليها إلا ركعة فصارت ثلاثًا وقيل: فرضت الخمس في المعراج أربعًا إلا المغرب ففرضت ثلاثًا وإلا الصبح ففرضت ركعتين وإلا صلاة الجمعة ففرضت ركعتين ثم قصرت الأربع في السفر أي في السنة الرابعة من الهجرة وهو المناسب لقوله تعالى: {فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلواةِ} (النساء: 101).
قال بعضهم والحكمة في جعل الصلاة في اليوم والليلة خمسًا أن الحواس لما كانت خمسًا والمعاصي تقع بوساطتها كانت كذلك لتكون ماحية لما يقع في اليوم والليلة من المعاصي أي بسبب تلك الحواس وقد أشار إلى ذلك النبي عليه السلام بقوله: «أرأيتم لو كان بباب أحدكم نهر يغتسل منه في اليوم والليلة خمس مرات أكان ذلك يبقى من درنه شيئًا قالوا لا يا رسول الله قال: فذلك مثل الصلوات الخمس يمحو الله بهن الخطايا».
وقال بعضهم: جعلها خمس صلوات إظهارًا لسر التضعيف قال تعالى: {مَن جَآءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَه عَشْرُ أَمْثَالِهَا} (الأنعام: 160) فالخمس عشر مرات خمسون وهي العدد الذي فرض ليلة المعراج قبل التخفيف.
وقيل لأن الكعبة بنيت من خمسة جبال طور سينا وطور زيتا والجودى وحرا وأبو قبيس ولهذا السر جعل الطواف حول البيت الحرام بمنزلة الصلاة ولكن الصلاة أفضل من الطواف إلا في حق الحاج فإنه مختص بالمحل الشريف والصلاة بخلافه.
وقيل: جعلها خمسًا شكرًا للعناصر الأربعة وجمعيتها في نشأة الإنسان وقد جعل الله الصلاة على أربعة أركان القيام والركوع والقعود والسجود لتكون شكرًا لهذه العناصر الأربعة، أو لأن الخلق أربعة أصناف قائم مثل الأشجار وراكع مثل الأنعام وقاعد مثل الأحجار وساجد مثل الهوام فأراد أن يوافق الجميع في أحوالهم فيشاكل كل واحد من الخلق وجعل الله في أوضاع الصلاة جمعية العالم كلها وجعلت الصلاة مثنى وثلاث ورباع لتوافق أجنحة الملائكة فإنها جعلت أجنحة للشخص بها يطير إلى الله تعالى.
قال حضرة الشيخ الشهير بافتادة قدس سره: صلاة الصبح في مقابلة الجسم والروح والأربع في المراتب الأربع أي الطبيعة والنفس والقلب والروح وصلاة المغرب كانت لعيسى ولذلك صارت ثلاثًا لأنه ليس له حظ الطبيعة.
وقال حضرة شيخي وسندي قدس الله سره في كتاب اللائحات البرقيات عند قوله تعالى: {وَجَعَلْنَا الَّيْلَ وَالنَّهَارَ ءَايَتَيْنِا فَمَحَوْنَآ ءَايَةَ الَّيْلِ وَجَعَلْنَآ ءَايَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً} (الإسراء: 12) إن الليل إشارة إلى مرتبة اللاتعين وهي مرتبة الجلال الاطلاقي الذاتي الحقيقي الوجودي لكمال الإطلاق الذاتي الحقيقي الوجودي والنهار إشارة إلى مرتبة التعين وهي مرتبة الجمال الإطلاقي الذاتي الحقيقي الوجودي لذلك الكمال المذكور نعته ثم صلاة الفجر من الصلوات الخمس المشتمل عليها الليل والنهار بركعتيها إشارة إلى الاثنينية والتمايز بين المرتبتين المذكورتين والركعة الأولى إشارة إلى مرتبة الجلال والركعة الثانية إشارة إلى مرتبة الجمال وأحدية مجموع الركعتين واجتماع الركعتين والتقاؤهما في ذلك المجموع إشارة إلى كمال واجتماع الجلال والجمال والتقائهما في ذلك الكمال ثم صلاة المغرب منها عكس صلاة الفجر ليظهر فيها ما بطن فيها من الأحدية الجامعة والركعة الأولى إشارة إلى الجلال والثانية إلى الجمال والثالثة إلى الكمال الجامع ومرتبة اللاتعين مرتبة القوة ومرتبة التعين مرتبة الفعل ولولا القوة لما تحقق الفعل والقوة إجمال والفعل تفصيل فلولا خزينة القوة لما ظهر كرم الفعل وجود الفضل ثم صلاة العشاء منها بركعاتها الأربع إشارة إلى التعينات الأربعة الذاتية والأسمائية والصفاتية والأفعالية في مرتبة اللاتعين والجلال بالقوة وصلاة الظهر منها بركعاتها الأربع إشارة إلى تلك التعينات الأربعة في مرتبة الجمال الإلهي بالفعل وصلاة العصر منها بركعاتها الأربع إشارة إليها في مرتبة الجمال الكوني بالفعل ثم الفرائض إشارة إلى الوجود الحقاني الإلهي المنبسط على الأكوان مطلقًا والواجبات إشارة إلى الوجودات الخلقية الكونية الأخصية والسنن إشارة إلى الوجودات الخلقية الكونية الخاصية والمستحبات إشارة إلى الوجودات الخلقية العامية ثم ساق حضرة الشيخ روح الله روحه في ذلك الكتاب كلامًا طويلًا من طلبه وجده، وسئل ابن عباس رضي الله عنهما هل تجد الصلوات الخمس في كتاب الله تعالى فقال: نعم وتلا قوله: {فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ * وَلَهُ الْحَمْدُ في السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ} (الروم: 17- 18) وأراد بحين تمسون المغرب والعشاء وبحين تصبحون الفجر وبعشيا العصر وبحين تظهرون الظهر وإطلاق التسبيح بمعنى الصلاة جاء في قوله تعالى: {فَلَوْلا أَنَّه كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ} (الصافات: 143)، قال القرطبي أي من المصلين، وفي الكشاف عن ابن عباس رضي الله عنهما كل تسبيح في القرآن فهو صلاة والعمدة في الصلاة الطهارة الباطنة وحضور القلب. اهـ.

.قال القاسمي:

{سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَا الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ}.
يمجد تعالى نفسه بقوله: {سُبْحَانَ} وينزه ذاته العلية عما لا يليق بجلاله، ويعظم شأنه لقدرته على ما لا يقدر عليه أحد سواه فلا إله غيره، وقوله تعالى: {الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} أي: سيَّره منه ليلًا، و{أسرى} بمعنى سرى يقال: أسراه وأسرى به وسرى به. فهمزة {أسرى} ليست للتعدية، ولذا عدي بالباء، وفرق بعضهم بين أسرى وسرى بالمبالغة في {أسرى} لإفادة السرعة في السير، ولذا أوثر على سرى.
والإسراء سير الليل كله، كأسرى، فقوله تعالى: {لَيْلًا} للتأكيد أو للتجريد عن بعض القيود. مثل: أسعفت مرامه. مع أن الإسعاف قضاء الحاجة. أو للتنبيه على أنه المقصود بالذكر، وقد استظهره الناصر في الانتصاف قال: ونظيره في إفراد أحد ما دل عليه اللفظ المتقدم مضمونًا لغيره، قوله تعالى: {لا تَتَّخِذُوا إِلَهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ} [النحل: 51]. فالاسم الحامل للتثنية دال عليها وعلى الجنسية، وكذلك المفرد. فأريد التنبيه على أن أحد المعنيين، وهو التثنية، مراد مقصود، وكذلك أريد الإيقاظ؛ لأن الوحدانية هي المقصودة في قوله: {إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ} ولو اقتصر على قوله: {إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ} لأوهم أن المهم إثبات الإلهية له، والغرض من الكلام ليس إلا إثبات الوحدانية.
وقيل: سرُّ قوله: {لَيْلًا} إفادة تقليل الوقت الذي كان الإسراء والرجوع فيه. أي: أنه كان في بعض الليل، أخذًا من تنكيره. فقد نقل عن سيبويه أن الليل والنهار إذا عُرِّفا كانا معيارًا للتعميم، فلا تقول: أرقت الليل، وأنت تريد ساعة منه، إلا أن تقصد المبالغة. بخلاف المنكر فإنه لا يفيد ذلك. فلما عدل عن تعريفه هنا، علم أنه لم يقصد استغراق السرى، وهذا هو المراد من البعضية، وجوَّز بعضهم أن يكون {أسرى} من السراة وهي الأرض الواسعة، وأصله من الواو، أسرى مثل أجبل وأتهم، أي: ذهب به في سراة من الأرض، وهو غريب، وفي تخصيص الليل إعلام بفضله؛ لأنه وقت السر والنجوى والتجلي الأسمى، ولذلك كان أكثر عبادته صلى الله عليه وسلم بالليل، والمراد {بعبده} خاتم أنبيائه محمد صلى الله عليه وسلم، وفي ذكره بعنوان العبودية مع الإضافة إلى ضمير الجلالة من التشريف والتنويه والتنبيه على اختصاصه به عز وجل وانقياده لأوامره- ما لا يخفى.
والعبد لغةً: الإنسان مطلقًا والمملوك والعبودية الذل والخضوع والرق والطاعة، كالعبادة والعبودة.
قال ابن القيم في طريق الهجرتين: أكمل الخلق أكملهم عبودية، وأعظمهم شهودًا. لفقره وضرورته وحاجته إلى ربه، وعدم استغنائه عنه طرفة عين، ولهذا كان من دعائه صلى الله عليه وسلم: «أصلح لي شأني كله ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين ولا إلى أحد من خلقك».
ثم قال: ولهذا كان أقرب الخلق إلى الله وسيلة، وأعظمهم عنده جاهًا، وأرفعهم عنده منزلة؛ لتكميله مقام العبودية والفقر، وكان يقول: «أيها الناس! ما أحب أن ترفعوني فوق منزلتي، إنما أنا عبد»، وكان يقول: «لا تطروني كما أطرت النصارى المسيح بن مريم، إنما أنا عبد فقولوا: عبد الله ورسوله»، وذكره سبحانه بسمة العبودية في أشرف مقاماته: مقام الإسراء، ومقام الدعوة، ومقام التحدي. فقال: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا} وقال: {وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ} [الجن: 19]، وقال: {وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا} [البقرة: 23]، وفي حديث الشفاعة: أن المسيح يقول لهم: اذهبوا إلى محمد، عبد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر. فنال ذلك بكمال عبوديته لله، وبكمال مغفرة الله له. انتهى.
وقوله تعالى: {مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} يعني مسجد مكة المكرمة. سمي حرامًا، كبلده، لكونه لا يحل انتهاكه بقتال فيه، ولا بصيد صيده، ولا بقطع شجره ولا كلئه، وقوله سبحانه: {إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَا} هو مسجد بيت المقدس، وكان يعرف بهيكل سليمان؛ لأنه الذي بناه وشيده و: {الأَقْصَى} بمعنى الأبعد. سمي بذلك لبعده عن مكة، وقوله تعالى: {الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ} أي: جوانبه ببركات الدين والدنيا؛ لأن تلك الأرض المقدسة مقر الأنبياء ومهبط وحيهم ومنمى الزروع والثمار. فاكتنفته البركة الإلهية من نواحيه كلها. فبركته إذن مضاعفة؛ لكونه في أرض مباركة، ولكونه من أعظم مساجد الله تعالى، والمساجد بيوت الله، ولكونه متعبد الأنبياء ومقامهم ومهبط وحيه عليهم، فبورك فيه بركتهم ويمنهم أيضًا.